فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشوكاني:

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ليلة القدر (1)}
الضمير في: {أنزلناه} للقرآن، وإن لم يتقدّم له ذكر.
أنزل جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ، وكان ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم نجومًا على حسب الحاجة، وكان بين نزول أوّله وآخره على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وعشرون سنة، وفي آية أخرى: {إِنَّا أنزلناه في لَيْلَةٍ مباركة} [الدخان: 3] وهي: ليلة القدر؛ وفي آية أخرى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القرآن} [البقرة: 185] وليلة القدر في شهر رمضان.
قال مجاهد: في ليلة القدر ليلة الحكم.
{وَمَا أَدْرَاكَ ما ليلة القدر} ليلة الحكم، قيل سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدّر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة.
وقيل: إنها سميت بذلك لعظيم قدرها وشرفها، من قولهم: لفلان قدر، أي: شرف ومنزلة، كذا قال الزهري.
وقيل: سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدرًا عظيمًا، وثوابًا جزيلًا.
وقال الخليل: سميت ليلة القدر؛ لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة، كقوله: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] أي ضيق.
وقد اختلف في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قولا، قد ذكرناها بأدلتها، وبينا الراجح منها في شرحنا للمنتقى.
{وَمَا أَدْرَاكَ ما ليلة القدر} هذا الاستفهام فيه تفخيم لشأنها حتى كأنها خارجة عن دراية الخلق لا يدري بها إلاّ الله سبحانه.
قال سفيان: كلّ ما في القرآن من قوله: وما أدراك، فقد أدراه، وكلّ ما فيه {وما يدريك} [عبس: 3]، فلم يدره، وكذا قال الفراء.
والمعنى: أيّ شيء تجعله داريًا بها؟ وقد قدّمنا الكلام في إعراب هذه الجملة في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحاقة} [الحاقة: 3] ثم قال: {ليلة القدر خَيْرٌ مّنْ ألف شهر} قال كثير من المفسرين، أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
واختار هذا الفراء، والزجاج، ولك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير والنفع.
فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة كانت خيرًا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما في هذه الليلة.
وقيل: أراد بقوله: {ألف شهر} جميع الدهر؛ لأن العرب تذكر الألف في كثير من الأشياء على طريق المبالغة.
وقيل: وجه ذكر الألف الشهر أن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابدًا حتى يعبد الله ألف شهر، وذلك ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، فجعل الله سبحانه لأمة محمد عبادة ليلة خيرًا من عبادة ألف شهر كانوا يعبدونها.
وقيل: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى أعمار أمته قصيرة، فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر وجعلها خيرًا من ألف شهر لسائر الأمم.
وقيل: غير ذلك مما لا طائل تحته.
وجملة: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم} مستأنفة مبينة لوجه فضلها موضحة للعلة التي صارت بها خيرًا من ألف شهر.
وقوله: {بِإِذْنِ رَبّهِمْ} يتعلق بـ: {تنزل}، أو بمحذوف، هو حال، أي: ملتبسين بإذن ربهم، والإذن الأمر، ومعنى {تنزل}: تهبط من السماوات إلى الأرض.
والروح هو جبريل عند جمهور المفسرين، أي: تنزل الملائكة ومعهم جبريل، ووجه ذكره بعد دخوله في الملائكة التعظيم له والتشريف لشأنه.
وقيل الرّوح صنف من الملائكة هم أشرافهم.
وقيل هم جند من جنود الله من غير الملائكة.
وقيل: الروح الرحمة، وقد تقدّم الخلاف في الروح عند قوله: {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفًّا} [النبأ: 38].
قرأ الجمهور: {تنزل} بفتح التاء.
وقرأ طلحة بن مصرف، وابن السميفع بضمها على البناء للمفعول، وقوله: {مّن كُلّ أمر} أي: من أجل كلّ أمر من الأمور التي قضى الله بها في تلك السنة.
وقيل: إن {من} بمعنى اللام، أي: لكلّ أمر.
وقيل: هي بمعنى الباء، أي: بكلّ أمر، قرأ الجمهور: {أمر} وهو واحد الأمور.
وقرأ علي، وابن عباس، وعكرمة، والكلبي: {امرئ} مذكر امرأة، أي: من أجل كلّ إنسان، وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل مع الملائكة، فيسلمون على كلّ إنسان، فمن على هذا بمعنى على، والأوّل أولى.
وقد تمّ الكلام عند قوله: {من كلّ أمر}، ثم ابتدأ فقال: {سلام هي} أي: ما هي إلاّ سلامة وخير كلها لا شرّ فيها.
وقيل: هي ذات سلامة من أن يؤثر فيها شيطان في مؤمن أو مؤمنة.
قال مجاهد: هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا ولا أذى.
وقال الشعبي: هو تسليم الملائكة على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرّون على كلّ مؤمن ويقولون السلام عليك أيها المؤمن.
وقيل: يعني سلام الملائكة بعضهم على بعض.
قال عطاء: يريد سلام على أولياء الله، وأهل طاعته: {حتى مَطْلَعِ الفجر} أي: حتى وقت طلوعه.
قرأ الجمهور: {مطلع} بفتح اللام.
وقرأ الكسائي، وابن محيصن بكسرها. فقيل: هما لغتان في المصدر، والفتح أكثر نحو المخرج والمقتل.
وقيل: بالفتح اسم مكان، وبالكسر المصدر.
وقيل: العكس، و{حتى} متعلقة يتنزل على أنها غاية لحكم التنزل، أي: لمكثهم في محل تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجًا بعد فوج إلى طلوع الفجر.
وقيل متعلقة بـ: {سلام} بناءً على أن الفصل بين المصدر، ومعموله بالمبتدأ مغتفر.
وقد أخرج ابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: {إِنَّا أنزلناه في ليلة القدر} قال: أنزل القرآن في ليلة القدر حتى وضع في بيت العزّة في السماء الدنيا، ثم جعل جبريل ينزل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم.
وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال: العمل في ليلة القدر، والصدقة، والصلاة، والزكاة أفضل من ألف شهر.
وأخرج الترمذي وضعفه، وابن جرير، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن الحسن بن علي بن أبي طالب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره، فساءه ذلك، فنزلت: {إِنَّا أعطيناك الكوثر} [الكوثر: 1] يا محمد.
يعني نهرًا في الجنة، ونزلت: {إِنَّا أنزلناه في ليلة القدر وَمَا أَدْرَاكَ ما ليلة القدر ليلة القدر خَيْرٌ مّنْ ألف شهر} يملكها بعدك بنو أمية.
قال القاسم: فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يومًا، ولا تنقص يومًا، والمراد بالقاسم هو القاسم بن الفضل المذكور في إسناده.
قال الترمذي: إن يوسف هذا مجهول، يعني يوسف بن سعد الذي رواه عن الحسن بن علي.
قال ابن كثير: فيه نظر، فإنه قد روى عنه جماعة: منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال فيه يحيى بن معين هو مشهور، وفي رواية عن ابن معين قال: هو ثقة، ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن، قال ابن كثير، ثمّ هذا الحديث علي كلّ تقدير منكر جدًا.
قال المزي: هو حديث منكر، وقول القاسم بن الفضل إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد، ولا تنقص ليس بصحيح، فإن جملة مدّتهم من عند أن استقلّ بالملك معاوية، وهي سنة أربعين إلى أن سلبهم الملك بنو العباس، وهي سنة اثنين وثلاثين ومائة مجموعها اثنتان وتسعون سنة.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس نحو ما روي عن الحسن بن علي.
وأخرج الخطيب عن سعيد بن المسيب مرفوعًا مرسلًا نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {سلام} قال: في تلك الليلة تصفد مردة الشياطين، وتغلّ عفاريت الجنّ، وتفتح فيها أبواب السماء كلها، ويقبل الله فيها التوبة لكلّ تائب، فلذا قال: {سلام هي حتى مَطْلَعِ الفجر} قال: وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر، والأحاديث في فضل ليلة القدر كثيرة، وليس هذا موضع بسطها، وكذلك الأحاديث في تعيينها، والاختلاف في ذلك. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

تفسير سورة القدر:
خمس أو ست آيات، مكية وقيل مدنية.
{إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ في ليلة القدر} النون للعظمة أو للدلالة على الذات مع الصفات والأسماء والضمير للقرآن لأن شهرته تقوم مقام تصريحه اسمه وإرجاع الضمير إليه فكأنه حاضر في جميع الأذهان وعظمه بأن أسند إنزاله إلى جنابه مع أن نزوله إنما يكون بواسطة الملك وهو جبرائيل على طريقة القصر بتقديم الفاعل المعنوي إلا أنه اكتفى بذكر الأصل عن ذكر التبع قال في بعض التفاسير إنا أنزلناه مبتدأ أو خبر في الأصل بمعنى نحن أنزلناه فأدخل أن للتحقيق فاختير اتصال الضمير للتخفيف ومعنى صيغة الماضي إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر وقضينا به وقدرناه في الأزل ثم إن الإنزال يستعمل في الدفعى والقرآن لم ينزل جملة واحدة بل أنزل منجمًا مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة وهذه السورة من جملة ما أنزل ووابه أن المراد أن جبرائيل نزل به جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا وأملاه على السفرة أي الملائكة الكاتبين في تلك السماء ثم كان ينزل على النبي عليه السلام منجمًا على حسب المصالح وكان ابتداء تنزيله أيضًا في تلك الليلة وفيه إشارة إلى أن بيت العزة أشرف المقامات السماوية بعد اللوح المحفوظ لنزول القرآن منه إليه ولذلك قيل بفضل السماء الأولى على أخواتها لأنها مقر الوحي الرباني وقيل لشرف المكان بالمكين وكل منهما وجه فإن السلطان إنما ينزل على أنزه مكان ولو فرضنا نزوله على مسبخة لكفى نزوله هناك شرفًا لها فالمكان الشريف يزداد شرفًا بالمكين الشريف كما سبق في سورة البلد ففي نزول القرآن بالتدريج إشارة إلى تعظيم الجناب المحمدي كما تدخل الهدايا شيئًا بعد شيء على أيدي الخدام تعظيمًا للمهدي إليه بعد التسوية بينه وبين موسى عليهم السلام بإنزاله جملة إلى بيت العزة وفي التدريج أيضًا تسهيل للحفظ وتثبيت لفؤاده كما قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لتثبت به فؤادك وكلام الله المنزل قسمان القرآن والخبر القدسي لأن جبرائيل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن ومن هنا جاز رواية السنة بالمعنى لأن جبرائل أداها بالمعنى ولم تجز القراءة المعنى لأن جبرائيل أداها باللفظ والسر في ذلك التعبد بلفظه والإعجاز به فإنه لا يقدر أحد أن يأتي بدله بما يشتمل عليه من الإعجاز لفظًا ومن الأسرار معنى فكيف يقوم لفظ الغير ومعناه مقام حرف القرآن ومعناه ثم إن اللوح المحفوظ قلب هذا التعين ولكن قلب الإنسان ألطف منه لأنه زبدته وأشرفه لأن القرآن نزل به الروح الأمين على قلب النبي المختار وهنا سؤال وهو الملائكة بأسرهم صعقوا ليلة نزول القرآن من حضرة اللوح المحفوظ إلى حضرة بيت العزة فما وجهه والجواب أن محمدًا صلى الله عليه وسلم عندهم من أشراط القيامة والقرآن كتابه فنزوله دل على قيام الساعة فصعقوا هيبة منه وإجلالًا لكلامه وحضرة وعده ووعيده وفي بعض الأخبار إن الله تعالى إذا تكلم بالرحمة تكلم بالفارسية والمراد بالفارسية لسان غير العرب سريانيًا كان أو عبرانيًا وإذا تكلم بالعذاب تكلم بالعربية فلما سمعوا العربية المحمدية ظنوا أنه عقاب فصعقوا وسيأتي معنى القدر ثم القرآن كلامه القديم أنزله في شهر رمضان كما قال تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وهذا هو البيان الأول ولم ندر نهارًا أنزل فيه أم ليلًا فقال تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} وهذا هو البيان الثاني ولم ندراي ليلة هي فقال تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر فهذا هو البيان الثالث الذي هو غاية البيان فالصحيح أن الليلة التي يفرق فيها في كل أمرح كيم وينسخ فيها أمر السنة وتدبير الأحكام إلى مثلها هي ليلة القدر ولتقدير الأمور فيها سميت ليلة القدر ويشهد التنزيل لما ذكرنا إذ في أول الآية إنا أنزلناه في ليلة باركة ثم وصفها فقال فيها يفرق كل أمر حكيم والقرآن إنما نزل في ليلة القدر فكاتن هذه الآية بهذا الوصف في هذه الليلة مواطئة لقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} كذا في قوت القلوب للشخ أبي طالب المكي قدس سره.
فإن قلت: ما الحكمة في إنزال القرآن ليلًا قلت لأن أكثر الكرامات ونزول النفحات والإسراء إلى السموات يكون بالليل والليل من الجنة لأنها محل الاستراحة والنهار من النار لأن فيه المعاش والتعب والنهار حظ اللباس والفراق والليل حظ الفراش والوصال وعبادة الليل أفضل من عبادة النهار لأن قلب الإنسان فيه أجمع والمقصود هو حضور القلب قال بعض العارفين: أعمل التوحيد في النهار والاسم في الليل حتى تكون جامعًا بين الطريقتين الجلوتية بالجيم والخلوتية ويكون التوحيد والاسم جناحين لك {وما أدراك ما ليلة القدر} أي وأي شيء أعلمك يا محمد ما هي أي إنك لا تعل كنهها لأن علو قدرها خارج عن دائرة دراية اللخق لا يدريها ولا يدريها الإعلام الغيوب وهو تعظيم للوقت الذي أنزل فيه ونم عض فضائل ذلك الوقت إنه يرتفع سؤال القبر عمن مات فيه وكذا في سائر الأوقات الفاضلة ومن ذلك العيد ثم مقتضى الكرم أن لا يسأل بعده أيضًا وقد وقع تجلى الأفعال لسيد الأنبياء عليه السلام في رجب ليلة الجمعة الأولى بين العشاءين فلذا استحب صلاة الرغائب وقتئذٍ وتحلى الصفات في نصف شعبان فلذا استحب صلاة البراءة بعد العشاء قبل الوتر وتجلى الذات في ليلة القدر ولذلك استحب صلاة القدر فيها كما سيجيء ولما كان هذا معربًا عن الوعد بإدرائها قال: {ليلة القدر} قيامها والعبادة فيها {خَيْرٌ مِّنْ ألف شهر} أي من صيامها وقيامها ليس فيها ليلة القدر حتى لا يلزم تفضيل الشيء على نفسه فخير هنا للتفضيل أي أفضل وأعظم قدرًا وأكثر أجرًا من تلك المدة وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وفي الحديث «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» كما في (كشف الأسرار) قال الخطابي: قوله: «إيمانًا واحتسابًا» أي بنية وعزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه طبية به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصايمه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب، وقال البغوي: قوله: «احتسابًا» أي طلبًا لوجه الله وثوابه يقال فلان يحتسب الأخبار أي يطلبها كذا في الترغيب والترهيب والمراد بالقيام صلاة التراويح، وقال بعضهم: المراد مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل قوله: «غفر له ما تقدم من ذنبه» قيل المراد الصائر وزاد بعضهم ويخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة وقوله: «وما تأخر» هو كناية عن حفظهم من الكبائر بعد ذلك أو معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة كذا في (شرح الترغيب) المسمى بفتح القريب وقال سعيد بن المسيب من شهد المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ حظه من ليلة القدر كما في (الكواشي) ثم أن نهار ليلة القدر مثل ليلة القدر في الخير وفيه إشارة إلى أن ليلة القدر للعارفين خير من ألف شهر للعابدين لأن خزائنه تعالى مملوءة من العبادات ولا قدر إلا للفناء وأهله وللشهود وأصحابه واختلفوا في وقتها فأكثرهم على أنها في شهر رمضان في العشر الأواخر في أوتارها لقوله عليه السلام: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، فاطلبوها في كل وتر» وإنما جعلت في الشعر الأخير الذي هو مظنة ضعف الصائم وفتوره في العبادة لتجدد جده في العبادة رجاء إدراكها وجعلت في الوتر لأن الله وتر يحب الوتر ويتجلى في الوتر على ما هو مقتضى الذات اْدية وأكثر الأقوال إنها السابعة لأمارات وأخبار تدل على ذلك أحدها حديث ابن عباس رضي الله عنهما السورة ثلاثون كلمة وقوله هي السابعة والعشرون منها ومنها، ما قال ابن عباس: أيضًا ليلة القدر تسعة أحرف وهو مذكور في هذه السورة ثلاث مرات فتكون السابعة والعشرين ومنها إنه كان لعثمان بن أبي العاص غلام فقال يا مولاي إن البحر يعذب ماؤه ليلة من الشهر، قال: إذا كانت تلك الليلة فاعلمني فإذا هي السابعة والعشرون من رمضان ومن قال إنها هي الليلة الأخيرة من رمضان استدل بقوله عليه السلام «إن الله تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار يعتق ألف ألف عتيق من النار كلهم استوجبوا العذاب فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق الله في تلك الليلة بعدد من أعتق من أول الشهر إلى آخره» ولأن الليلة الأولى كمن ولد له ذكر فهي ليلة شكر والليلة الأخيرة ليلة الفراق كمن مات له ولد فهي ليلة صبر وفرق بين الشكر والصبر فإن الشاكر مع المزيد كقوله تعالى: {لَئن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} والصابر مع الله لقوله تعالى: {إن الله مع الصابرين} وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت سألت النبي عليه السلام لو وافقتها ماذا أقول قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وعنها أيضًا لو أدركتها ما سألت الله إلا العافية وفيه إشارة إلى ما قال عليه السلام: «اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة» ولعل السر في إخفائها تحريض من يريدها لثواب الكثير بإحياء الليالي الكثيرة رجاء لموافقتها.
ونظيره إخفاء ساعة الإجابة في يوم الجمعة والصلاة الوسطى في الخمس واسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات حتى يرغبوا في الكل وغضبه في المعاصي ليحتزوا عن الكل ووليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل. والمستجاب من الدعوات في سائرها ليدعوه بكلها.
ووقت الموت ليكون المكلف على احتياط في جميع الأوقات وتسميتها بليلة القدر إما لتقدير الأمور وقضائها فيها لقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم} أي: إظهار تقديرها للملائكة، بأن تكتبها في اللوح المحفوظ وإلا فالتقدير نفسه أزلي فالقدر بمعنى التقدير وهو جعل الشي على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضت الحكمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، إن الله قدر فيها كل ما يكون في تلك السنة من مطر ورزق وإحياء وإماتة وغيرها إلى مثل هذه الليلة من السنة الآتية فيسلمه إلى مدبرات الأمور من لملائكة فيدفع نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار إلى ميكائيل ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف إلى جبرائيل ونسخة الأعمال إلى إسرافيل ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
فكم من فتى يمسى ويصبح آمنا ** وقد نسجت اكفانه وهو لا يدري

وكم من شيوخ ترتجى طول عمرهم ** وقد رهقت أجسادهم ظلمة القبر

وكم من عروس زينوها لزوجها ** وقد قبضت أرواحهم ليلة الدر

يقال إن مكيائيل هو الأمين على الأرزاق والأغذية المحسوسة ويقابله منك الكبد فهو الذي يعطى الغذاء لجميع البدن وكذلك إسرافيل يغذى الأشباح بالأرواح ويقابله منك الدماغ وجبرائيل يغذى الأرواح بالعلوم والمعارف ويقابله منك العقل وكل محدث لابد له من غذاء فغذاء الجسم بالتأليف والعقل بالعلوم الضرورية والروح القدسي أيضًا متعطش ولا يرتوى إلا بالعلوم الإلهية هذا وإما لخطرها وشرفها على سائر الليالي فالقدر بمعنى المنزلة والشرف إما باعتبار العامل على معنى أن من أتى بالطاعة فيها صار ذا قدر وشرف وإما باعتبار نفس العمل على معنى أن الساطعة الواقعة في تلك الليلة لها قدر وشرف زائد وعن أبي بكر الوراق رحمه الله، سميت ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر على لسان ملك ذي القدر لأمة لها قدر ولعله تعالى إنما ذكر لفظ القدر في هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب، وقال الخليل رحمه الله: سميت ليلة القدر أي ليلة الضيق لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق، كما في قوله تعالى: ومن قدر عليه رزقه وتخصيص الألف بالذكر إما للتكثير لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء كلها ولا تريد حقيقتها أو لما روى أنه عليه السلام، ذكر رجلًا من بني إسرائيل اسمه شمسون لبس السلاح في سبيل الله، ألف شهر فتعجب المؤنون منه وتقاصرت إليهم أعمالهم بأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي وقيل إن الرجل فيما مضى كان لا يقال له عابد حتى يعبد الله ألف شهر فأعطوا ليلة أن أحيها كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد وقيل: رأى النبي عليه السلام، أعمار الأمم كافة فاستقصر أعمار أمته فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر وجعلنا خيرًا من ألف شهر لسائر الأمم وقيل: كان ملك سليمان عليه السلام، خمسمائة شهر وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فجعل الله العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرًا من ملكهما.
وروى عن الحسن بن علي بن أبي طالب أنه قال حين عوتب في تسليمه الأمر لمعاوية إن الله أرى نبيه عليه السلام، في المنام بني أمية ينزون على منبره نزو القردة أي يثبون فاغتم لذلك فأعطاه الله ليلة القدر وهي خير له ولذريته ولأهل بيته من ألف شهر وهي مدة ملك بني أمية وأعلمه إنهم يملكون أمر الناس هذا القدر من الزمان ثم كشف الغيب إن كان من سنة الجماعة إلى قتل مروان الجعدي آخر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه كما في فتح الرحمن ودل كلام الله تعالى على ثبوت ليلة القدر فمن قال إن فضلها كان لنزول القرآن يقول انقطعت فكانت مرة والجمهور على إنها باقية آتية في كل سنة فضلًا من الله ورحمة على عباده غير مختصة برمضان عند البعض وهو قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر حتى لو علق أحد طلاق امرأته أو عتق عبده بليلة القدر فإنه لا يحكم به إلا بأن يتم الحول وعند الأكثرين مختصة به وكان عليه السلام، إذا دخل العشر شد مزره وأحيى ليله وأيقظ أهله وكان الصالحون يصلون في ليلة من العشر ركعتين بنية قيام ليلة القدر وعن بعض الأكابر من قرأ كل ليلة عشر آيات على تلك النية لم يحرم بركتها وثوابها قال الإمام أبو الليث رحمه الله: أقل صلاة ليلة القدر ركعتان وأكثرها ألف ركعة وأوسطها مائة ركعة وأوسط القراءة في كل ركعة أن يقرأ بعد الفاتحة {إنا أنزلناه} مرة و{قل هو الله أحد} ثلاث مرات، ويسلم على كل ركعتين ويصلى على النبي عليه السلام بعد التسليم ويقوم حتى يتم ما أراد من مائة أو أقل أو أكثر ويكفي في فضل صلاتها ما بين الله من جلالة قدرها وما أخبر به الرسول عليه السلام من فضيلة قيامها وصلاة التطوع بالجماعة جائزة من غير كراهة لو صلوا بغير تداع وهو الأذان والإقامة كما في الفرائض صرح بذلك كثير من العلماء قال شرخ النقاية وغيره وفي المحيط لا يكره الاقتداء بالإمام في النوافل مطلقًا نحو القدر والرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك لأن ما رأه المؤمنون حسنًا فهو عند الله حسن فلا تلتفت إلى قول من لا مذاق لهم من الطاعنين فإنهم بمنزلة العنين لا يعرفون ذوق المناجاة وحلاوة الطاعات وفضيلة الأوقات.
{تنزل الملائكة والروح فيها} استئناف مبني لماله فضلت على ألف شهر وأصل ينزل تتنزل بتاءين والظاهر أن المراد كلهم للإطلاق وقد سبق معنى الروح في سورة النبأ، وقال بعضهم: إنه ملك لو التقم السموات والأرضين كانت له لقمة واحدة أو هو ملك رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة وله ألف رأس كل رأس أعظم من الدنيا وفي كل رأس ألف وجه وفي كل وجه ألف فم وفي كل فم ألف لسان يسبح الله بكل لسان ألف نوع من التسبيح والتحميد والتمجيد لكل لسان لغة لا تشبه الأخرى فإذا فتح أفواهه بالتسبيح خر كل ملائكة السموات سجدًا مخافة أن يحرقهم نور أفواهه وإنما يسبح الله غدوة وعشية فينزل تلك الليلة فيستغفر للصائمين والصائمات من أمة محمد عليه السلام بتلك الأفواه كلها إلى طلوع الفجر أو هو طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا ليلة القدر كالزهاد الذين لا نراهم إلا يوم العيد أو هو عيسى عليه السلام، لأنه اسمه ينزل في موافقة الملائكة ليطالع أمة محمد عليه السلام.
وفي الحديث لأنا أكرم على الله من أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث وكان الثلاث عشر مرات ثلاثين لأن الحسين رضي الله عن، قتل في رأس الثلاثين سنة فغضب على أهل الأرض وعرج به إلى عليين وقد رآه بعض الصالحين في النوم فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي إما ترى فتن أمتك فقال زادهم الله فتنة قتلوا الحسين ولم يحفظوني ولم يراعوا حقي فيه.
وعلى كل تقدير فالمعنى تنزل الملائكة والروح في تلك الليلة من كل سماء إلى الأرض وهو الأظهر لأن الملائكة إذا نزلت في سائر الأيام إلى مجلس الذكر فلأن ينزلوا في تلك الليلة مع علو شأنها أولى أو إلى السماء الدنيا قالوا ينزلون فوجًا فوجًا فمن نازل ومن صاعد كأهل الحج فإنهم على كثرتهم يدخلون الكعبة ومواضع النسك بأسرهم لكن الناس بين داخل وخارج ولهذا السبب مدت إلى غاية طلوع الفجر وذكر لفظ تنزل المفيد للتدريج وبه يندفع ما يرد أن الملائكة لهم كثرة عظيمة لا تحتملها الأرض وكذا السماء على أن شأن الأرواح غير شأن الأجسام والملائكة وإن كان لهم أجسام لطيفة يقال لهم: الأرواح، وقال بعضهم: النازلون هم سكان سدرة المنتهى، وفيها ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله ومقام جبرائيل في وسطها ولا يدخلون أي الملائكة النازلون الكنائس وبيوت الأصنام والأماكن التي فيها الكلب والتصاوير والخبائث وفي بيوت فيها خمر أو مدمن خمر أو قطاع رحم أو جنب أو آكل لحم خنزيرًا ومتضمخ بالزعفران وغير ذلك، ويعدى بالباء كما في تاج المصادر وقال في (القاموس) التضمخ لطخ الجسد بالطيب حتى كأنه يقطر قوله: {الروح} معطوف على {الملائكة} والضمير لـ: {ليلة القدر} والجار متعلق بـ: {تنزل} ويجوز أن يكون {والروح فيها} جملة اسمية في موقع الحال من فاعل {تنزل} والضمير لـ: {الملائكة} والأول هو لوجه لعدم احتياجه إلى ضمير فيها {بِإِذْنِ رَبِّهِم} أي بأمره متعلق بـ: {تنزل} وهو بدل على أنهم كانوا يرغبون إلينا ويشتاقون فيستأذن فيؤذن في النزول إلينا لهم فإن قيل كيف يرغبوا إلينا مع علمهم بكثرة ذنوبنا قلنا لا يقفون على تفصيل المعاصي روى أنهم يطالعون اللوح فيرون فيه طاعة المكلف مفصلة فإذا وصلوا إلى معاصيه أرخى الستر فلا يرونه فحينئذٍ يقولون سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح ولأنهم يرون في الأرض من أنواع الطاعات أشياء ما رأوها في عالم السموات كأطعام الطعام وأنين العصاة وفي الحديث القدسي: «لأنين المذنبين أحب إلى من زجل المسبحين» فيقولون تعالوا نذهب إلى الأرض فنسمع صوتًا هو أحب إلى ربنا من صوت تسبيحنا وكيف لا يكون أحب وزجل المبحين إظهار لكمال حال المطيعين وأنين العصاة إظهار لغافرية رب العالمين.
{مِّن كُلِّ أمر} متعلق بـ: {تنزل} أيضًا أي من أجل كل أمر قدر في تلك السنة من خير أو شر أو بكل أمر من الخير والبركة كقوله تعالى: [الرعد: 11- 5] {يَحْفَظُونَه مِنْ أمر اللَّهِ} أي بأمر الله قيل يقسم جبرائيل في تلك الليلة بقية الرحمة في دار الحرب على من علم الله أنه يموت مسلمًا فبتلك الرحمة التي قسمت عليهم ليلة القدر يسلمون ويموتون مسلمينفإن قيل المقدرات لا تفعل في تلك الليلة بل في تمام السنة فلما ذا تنزيل الملائكة فيها لأجل تلك الأمور قيل لعل تنزلهم لتعين انفاذ تلك الأمور وتنزلهم لأجل كل أمر ليس تنزل كل واحد لأجل كل أمر بل ينزل الجميع لأجل جميع الأمور حتى يكون في الكلام تقسيم العلل على المعلولات {سلام هي} تقديم الخبر لأفادة احصر مثل تميمي أنا أي ما هي إلا سلامة أي لا يحدث فيها داء ولا شيء من الشرور والآفات كالرياح والصواعق ونحو ذلك مما يخاف منه بل كل ما ينزل في هذه الليلة إنما هو سلامة ونفع وخير ولا يستطيع الشيطن فيها سوأ ولا ينفذ فيها سحر ساحر والليلة ليست نفس السلامة بل ظرف لها ومع ذلك وصفت بالسلامة للمبالغة في اشتمالها عليها وعلم منه أنه يقضى في غير ليلة القدر كل من السلامة والبلا يعني يتعلق قضاء الله بهما أو ما هي الإسلام لكثرة ما يسلمون فيها على المؤمنين ومن إصابته التسليمة غفر له ذنبه وفي الحديث: «ينزل جبرائيل ليلة القدر في كبكبة من الملائكة» أي: جماعة متضامة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد بذكر الله {حَتَّى مَطْلَعِ الفجر} أي وقت طلوعه قدر المضاف لتكون الغاية من جنس المغيا فمطلع بفتح اللام مصدر ميمي ومن قرأ بكسر اللام جعله اسما لوقت الطلوع أي اسم زمان وحتى متعلقة بتنزل على أنها غاية لحكم التنزل أيلمكثهم في تنزلهم أو لنفس تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجًا بعد فوج إلى طلوع الفجر.
وقال بعضهم: ليلة القدر من غروب الشمس إلى طلوع الفجر سلام، أي يسلم فيها الملائكة على الطميعين إلى وقت طلوع الفجر ثم يصعدون إلى السماء فحتى متعلقة بسلام قالها علامة ليلة القدر إنها ليلة لا حارة ولا باردة وتطلع الشمس صبيحتها لإشعاع لها لأن الملائكة تصعد عند طلوع الشمس إلى السماء فيمنع صعودها انتشار شعاعها لكثرة الملائكة أو لأنها لا تطلع في هذه الليلة بين قرني الشيطان فإنها على ما جاء بعض الأحاديث تطلع كل يوم بين قرني الشيطان ويزيد الشيطان في بث شعاعها وتزيين طلوعها ليزيد في غرور الكافرين ويحسن في أعين الساجدين وقد سبق أنه يعذب الماء الملح تلك الليلة وإما النور الذي يرى ليلة القدر فهو نور أجنحة الملاكئة أو نور جنة عدن تفتح أبوابها ليلة القدر أو نور لواء الحمد أو نور أسرار العارفين رفع الله الحجب عن أسرارهم حتى يرى الخلق ضياءها وشعاعها وهو المناسب لحقيقة ليلة القدر فإن حقيقتها عبارة عن انكشاف الملكوت لقلب العارف فإذا تنول الباطن بنور الملكوت انعكس منه إلى الظاهر وفي الحديث «من قرأ سورة القدر أعطى ثواب من صام رمضان وأحيى ليلة القدر». اهـ.